تنمية الذات

مصفوفة أيزنهاور

أيزنهاور

 

سيكون الوقت عدوّاً يجب التخلص منهُ، وتغدو الحياة كأنَّها ليست مِلكاً لك، ولتجنُّب هذه الأمور السلبيّة ظهرت لدينا إحدى أهم طرق تنظيم المهام وأكثرها فعاليةً وهي “مصفوفة أيزنهاور” التي تعود إلى أحد أكثر الأشخاص إنتاجاً ونجاحاً وهو الرئيس الأمريكي “دوايت أيزنهاور”، فغالباً ما يعاني معظم الناس من الإرهاق والتعب والضغط، وذلك بسبب كثرة المهام والأولويات التي يتوجب القيام بها، وهذا ما يؤدي إلى الوقوع في دوامة الفوضى والغرق في بحر العشوائية، وفيما يلي سنتعرَّفُ معاً على مصفوفة أيزنهاور بالتفصيل ومدى أهمِّيتها، وكيفية تطبيقها بفاعلية لكي نصبحُ أكثر إنتاجاً وكفاءةً.

1) من هو مبتكر مصفوفة أيزنهاور؟

تمت تسمية مصفوفة أيزنهاور على اسم مبتكرها “دوايت ديفيد أيزنهاور” وهو جنرال ورجل دولة بالجيش الأمريكي، شغل منصب الرئيس 43 للولايات المتحدة من عام 1953 إلى عام 1961. وخلال الحرب العالمية الثانية، كان جنرالاً من فئة الخمس نجوم في جيش الولايات المتحدة، وخدم كقائد أعلى، وأعد استراتيجية غزو الحلفاء لأوروبا.

كان لدى دوايت الكثير من المهام التي عليه إنجازها نظراً لمناصبه التي شغلها في حياته، وقد اتخذ العديد من القرارات الصعبة باستمرار. هذا ما قاده إلى ابتكار طريقة جديدة لتنظيم المهام -أصبح اسمها فيما بعد “مصفوفة أيزنهاور”- والتي أصبحت تساعدنا اليوم في تحديد أولوياتنا ومهامنا، وكذلك في القضاء على ضياع الوقت وخلق مساحة ذهنية لإحراز تقدم أكبر نحو أهدافنا.

إقرأ أيضاً: تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات انقر هنا

ويُعتبر أيزنهاور أحد أكثر الشخصيات نجاحاً وإنتاجاً في القرن العشرين، فهو من الأشخاص القليلون الذين استطاعوا أن يحافظوا على نجاحهم وإنتاجيتهم ليس لأشهر أو لسنينٍ حتّى، بل لعدة عقود رغم تعدُّد المهام وكثرتها، وكانت مقدرة أيزنهاور على الاستمرار في هذا النجاح تكمن في طريقة تحديده للأمور “الهامة” و”المستعجلة”، وقد سلّط الضوء عليها المؤلف الشهير “ستيفن آر كوفي” في كتابه الشهير “العادات السبع الأكثر فعالية للناس”، حيث أعاد “ستيفن كوفي” تجميع رؤى أيزنهاور ووضعها في أداة بسيطة لتحديد أولويات المهام، وهي المعروفة الآن باسم “مصفوفة أيزنهاور” أو مصفوفة إدارة المهام.

2) فعالية مصفوفة أيزنهاور لتنظيم المهام

فعَّالية مصفوفة أيزنهاور تكمن في القدرة على تحديد الفرق بين المدى القصير والطويل، فهذه الأداة تساعدُ على تحديد المهام التي يتجنب تنفيذها بشكلٍ فوري مروراً بكل المهام التي تريد القيام بها، وصولاً إلى المهام التي يجب عليك تجاهلها، وهي تسمح لك بأن تحدد وتفرض أولوياتك وليس أن تفرض الأولويات نفسها عليك.

إذاً عند تطبيق مصفوفة أيزنهاور ستلاحظ عدّة تغيُّراتٍ في حياتك، أهمها:

  • استعادة السيطرة على حياتك وعلى بيئتك المحيطة.
  • القضاء على هدر الوقت بشكلٍ كامل.
  • حصر كل مهامك في 4 مناطق فقط وبالتالي إنشاء خريطة مصغرة لترتيب إنجاز المهام.
  • زيادة الإنتاجية في فترة تطبيق المصفوفة مقارنةً في فترة حياتك السابقة.
  • مع مرور الوقت ستجد نفسك قد أنجزت العديد من الأمور التي كنت تعتقد أنَّك لن تنجزها.
  • توفير وقت إضافي تستطيع الترفيه فيه عن نفسك دون الشعور بالذنب.

3) ما هي مصفوفة أيزنهاور؟ وكيف نُطبِّقُها للوصول إلى نتائج فعّالة؟

مصفوفة أيزنهاور

هي طريقة بسيطة وسهلة التنفيذ وفعَّالةٌ للغاية، تُستخدَمُ لتنظيم المهام وإدارتها حسب الأهمية (الضرورة) والاحتياج، وهي تركّز على الفائدة طويلة المدى وليس الفائدة اللحظية، وهذا ما سيساعدك لكي تركّز على أولوياتك وبالتالي تصبح أكثر فاعليةً وإنتاجاً.

كيف نُطبِّقُ مصفوفة أيزنهاور للوصول على نتائج فعّالة؟

إنَّ جوهر مصفوفة أيزنهاور يكمن في المقدرة على التمييز بين المهام المهمة وغير المهمة والمهام العاجلة وغير العاجلة، وكذلك فهم كيف أنَّ هذه الأمور تتقاطع باستمرارٍ في حياتنا اليومية، ومعرفة مايجب فعله أو حذفه منها.

اطّلع على أحد تقنيات إدارة الوقت “تقنيّة بورومودو”

الخطوة الأولى قبل الولوج إلى داخل مصفوفة أيزنهاور هو إعداد قائمة للمهام التي تريد القيام بها، وهناك شيء هام يغفل عنه الكثير من الناس وهو أنَّه يجب أن لا تضيف مهام جديدة للمصفوفة قبل الانتهاء من جميع مهامك السابقة.

تَقسِمُ مصفوفة أيزنهاور جميع مهامك اليومية وطويلة المدى إلى أربعة مجموعات حسب الأهمية والاستعجال (أي الإلحاح) (كما هو موضَّحٌ في الصورة):

وسنشرح هذه المهام بالتفصيل فيما يلي:

4) المهام الهامة والعاجلة (افعلْ)

تُعتبرُ هذه المهام ذات أولوية قصوى ولا تحتمل التأخير أو التسويف بل تتطلب الاهتمام الفوري، ويكون لنتائجها تأثيرٌ على المدى القريب أو البعيد، وبالتالي يجب عليك أن تبذل كامل تركيزك لإنهائها بأكبر سرعةٍ ممكنةٍ.

عادةً ما يشتملُ هذا الربع على المشاكل اللحظية التي لا يمكن التنبؤ بها، أو المهام التي يسبب تركها ضغطاً نفسياً، أو عند اقتراب موعد نهاية مهمة محددة،  وهنا عدة أمثلة على مهام الربع الأول:

  • موعد دفع رواتب الموظفين نهاية كل شهر.
  • موعد الامتحانات أو موعد نهائي لتسليم مشروع.
  • إصلاح عطلٍ ضروريٍ في منزلك (مثلاً إصلاح البرّاد أو الغسالة).
  • موعد الاجتماع مع رؤسائك في العمل.
  • حريق في مطبخك (هكذا لخَّص “كوفي” أمثلة هذا الربع أي أنَّ أول ما ستقوم بهِ هو إطفاء النار في مطبخك).

وكما يشرح الكاتب الشهير “ستيفن كوفي” في كتابه “العادات السبع الأكثر فعالية للناس” بما معناه أنَّ الأشخاص الذين يعيشون أطول أوقاتهم في هذا الربع فإنَّهم سيعانون من المشاكل دوماً لأنَّ حياتهم مبينةٌ من الأساس على حل المشاكل، وهم يتخلصون من ضغط المشاكل والمهام عندما يلجؤون إلى الربع الرابع (المهام غير الهامة وغير العاجلة)، ويبرز لنا  “كوفي” أنَّ الحل في هذه الحالة هو في التركيز على مهام الربع الثاني من المصفوفة (المهام الهامة وغير العاجلة) وذلك باستخدم التخطيط المسبق الجيد لتوقع المشكلات ومنعها.

5) المهام الهامة وغير العاجلة (جَدوِلْ)

يشمل هذا الربع المهام المستقبلية التي ليس لها موعد نهائي والتي تظهر نتائجها على المدى البعيد، وهي ذات أهميَّةٍ كبيرةٍ، ولكنَّها ليست عاجلة، لذلك لا تتطلب تدخل فوري منك لإنهائها، بل عليك جدولتها (تأجيلها) والقيام بها في الوقتِ الذي تراهُ مناسباً.

وهذا الربع غالباً شبه مهمل من قِبَل معظم الناس، على عكس روَّاد الأعمال الناجحين في حياتهم الذين يقضون أطول أوقاتهم في هذا الربع لأنَّه يساعدهم في تقليل الوقت الذي يبذلونه في مهام الربع الأول، ويُعتبر ذلك أحد أهم أسباب نجاحهم الدائم والمستمر، فكل شيءٍ لديهم يصبح مُخطَّطاً ومجدولاً زمنياً.

ويؤكد “ستيفن كوفي” في كتابه “العادات السبع الأكثر فعالية للناس” أنَّ هذا الربع هو الأفضل لقضاء الوقت فيه حيثُ يُطلِق عليه اسم “ربع الجودة”، فكلَّما قضيت وقتاً أطولاً في “ربع الجودة” ستحصل على نتائج مذهلةٍ ومرضيةٍ وستقل الأزمات بشكلٍ كبيرٍ مع مرور الوقت.

ومن الأمثلة على مهام هذا الربع نذكر التالي:

  • التدريب وحضور الدورات والندوات الخاصة بالعمل.
  • البدء بمشروع خاص يساعدك مهنياً أو مادياً.
  • التخطيط لما يجب فِعلَه في السنوات القادمة.
  • الردّ على رسائل البريد الإلكترونيّ الخاصّة بالعمل.
  • إصلاح عطلٍ ليس ضروريٍ في منزلك (مثلاً إصلاح التلفاز).

ويمكن تلخيص مهام هذا الربع بأنَّها المهام التي تساهم في بنائك وتطويرك.

متى يجب أن أبدأ بمهام هذا الربع؟

الجواب سهلٌ جداً، ابدأ بمهام هذا الربع بعد الانتهاء من مهام الربع الأول (ذو الأولوية القصوى).

ملاحظة: لا تُسرِف في جدولة المهام لأنَّها بعد فترةٍ من الزمن ستُصبحُ مهاماً عاجلة.

6) المهام غير المهمة والعاجِلة (فوِّضْ)

عناصر هذا الربع تظهر بشكلٍ فوري ولكنها ليست ضرورية ولا تتطلب تدخل أو إشراف منك بشكلٍ مباشرٍ بل من الممكن أن يقوم بها أي شخص آخر (أي أنَّها لا تتطلب مهارة معينة)، وبالتالي بإمكانك إما أن تؤجِّلها إلى وقتٍ لاحقٍ (أي بعد الانتهاء من مهام الربعين الأول والثاني) أو أن تقوم بتفويضها إلى أحدٍ آخرٍ لكي يقوم بها عوضاً عنك.

للاطلاع أكثر على أساليب تطوير الذات انقر هنا

يعتقد معظم من يقضي وقته في هذا الربع أنَّهُ يقوم بمهام مهمة وعاجلة ولكن في الحقيقة أنَّ هذه المهام تبقيك مشغولاً ولكن دون فائدةٍ تُذكر على المدى البعيد.

ولكي تتجنب الوقوع في فخ القيام بهذه المهام مباشرةً يجب عليك أولاً معرفة سبب ظهور مهام هذا النوع ومن ثمَّ التخلص من هذه الأسباب لكي لا تظهر مرةً أخرى في المستقبل.

وهنا بعض الأمثلة على مهام هذا الربع:

  • مساعدة الآخرين في إتمام مهامهم وتحقيق أهدافهم.
  • تحضير حقائب السفر في حال كنت مسافراً.

7) المهام غير الهامة وغير العاجلة (احذِفْ)

وهو الربع الأخير من مصفوفة أيزنهاور، وفي هذا الربع تضع كل المهام الباقية من قائمة مهامك التي لم تكن في الأرباع الثلاثة السابقة، مهام هذا الربع يجب التخلص منها مباشرةً، ونعني بالتخلص منها أي عدم القيام بها من الأساس وحذفها بشكلٍ مباشرٍ، لأنَّها ليست مهمة أبداً وبالتالي لا تساعدك في تحقيق أهدافك بل هي فقط تشتت انتباهك وتصرف تركيزك عن ما هو مهم.

وهذه بعض الأمثلة على مهام الربع الأخير:

  • التصفح المتقطع لوسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والانستاغرام و..الخ.
  • ممارسة ألعاب الفيديو.
  • مشاهدة الأفلام والمسلسلات.
  • حضور الاجتماعات الفارغة وغير المثمرة.

قد تشعر أنَّ مهام هذا الربع ذو أهميةٍ بالنسبةِ لكَ أو أنَّك لا تستطيع التخلص منها، ولكن في الواقع فإنَّ الأمر يتطلب منك فقط القليل من الإرادة، عندها ستستطيع التركيز على ما هو أكثر أهمية.

8) بعض النصائح والإرشادات المُثمِرَة في مصفوفة أيزنهاور

  • يُفَضَّلُ أن لا يزيد عدد المهام في كل ربع عن ثمانية أو عشرة.
  • يجب أن تُنجَز كلَّ مهمةٍ ضمن مصفوفة أيزنهاور في وقتٍ محدَّدٍ، وقد تساعدك بعض التقنيات على تنظيم الوقت مثل تقنية بومودورو.
  • من الأفضل أن تفصل بين مهام العمل والعائلة ويتم ذلك بإنشاء مصفوفة أيزنهاور خاصة بالعمل وأخرى خاصة بالحياة العائلية.
  • استخدم مبدأ تناول الضفدع فهي ستسمح لكَ بإكمال المهمة التالية بمعنوياتٍ مرتفعة وكذلك ستزيد من احترامك لذاتك.
  • استخدم الأدوات التي تساعدك على الابتعاد عن العادات السيئة، مثل أدوات حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمنعك من التصفح خلال ساعات العمل.
  • اسأل نفسك دوماً عما يستحق أن تفعله؟ وهل ما أقوم به الآن مهمٌ بالنسبة لي؟
  • إنَّ تقسيم المهام يُعتبر أصعب جزء في مصفوفة أيزنهاور ولذلك فإننا وضعنا لك في أسفل المقال رابط تطبيق أندرويد بالعربي سيساعدك كثيراً في ذلك.
  • إنْ كنتَ مشغولاً دوماً ولكن لا تشعر بالإنتاج فهذا يعني أنَّك واقعٌ في حلقة بين المهام العاجلة والمهمة، مصفوفة أيزنهاور ستكسر هذه الحلقة من أجلك وتجعلك أكثر إنتاجاً.
  • خطط في المساء السابق لنهار تطبيق المصفوفة، وقم بالمراجعة في الصباح الباكر.
  • لا تسمح لأحدٍ أن يحدِّد أولوياتك، المفتاح هنا هو (الأنا) والتي لا تعني الأنانية بل تعني أنَّك الوحيد الذي يستطيع تحديد أولوياتك بدقة.

وخلاصة القول إنَّ تقنية مصفوفة أيزنهاور مثل أي تقنية أخرى لا تتصف بالمثالية ولكنَّها فعَّالةٌ جداً، وتستحق وقتك لتجربتها، نتمنى أن تكون مفيدةً لك، وأخيراً يمكنك تحميل تطبيق مصفوفة أيزنهاور بالعربي من الرابط التالي


المصادر

مصفوفة أيزنهاور

مصفوفة أيزنهاور: كيفية ترتيب أولويات قائمة المهام الخاصة بك

ما هي مصفوفة أيزنهاور؟

مصفوفة ايزنهاور.. أداة فعالة لتحديد أولوياتك

زر الذهاب إلى الأعلى