مقالات منوعة

كيف نبقى على نهج رمضان

أفكار ما بعد رمضان

توشك أيام رمضان على الانتهاء، ويوشك الشهر الكريم أن يرحل مخلفاً وراءه الكثير من الدروس والعبر والتغييرات الإيجابية. ويتساءل الكثيرون ما الحكمة من الصيام؟ وما الفائدة من الانقطاع عن الطعام والشراب طيلة النهار، وكيف نبقى على نهج رمضان؟

إذا صُمت الصّيام الصحيح، صيام الحواسّ جميعاً.. الصيام عن رؤية ما لا يرضي الله، والصيام عن سمع ما لا يرضي الله، والصيام عن قول ما لا يرضي الله، فأنت التزمت بالصيام الحقيقي، وحينها ستشعر براحة عجيبة وقوة ذاتية، لأنك استطعت الانتصار على نفسك وشهواتها، وأمسكت بزمامها، وأصبحت أنت المتحكّم الحقيقي بحياتك.

ولكن كيف نبقى على هذه الوتيرة من الإيمان والضبط الداخلي للنفس؟.

كيف نبقى على نهج رمضان؟

جمعنا لكم في هذا المقال عدة أفكار وأعمال تساعدك ما بعد رمضان في الحفاظ على ما اكتسبته من عادات حميدة وقوة للابتعاد عن العادات السيئة، فتابعنا حتى النهاية.

1) فكرة المواظبة على تلاوة جزء من القرآن

يهجر الكثيرون القرآن طيلة العام، وفي شهر رمضان ينهون أكثر من ختمة قرآنية، فهل هذا هو المطلوب منك حقاً؟

يقول الشيخ راتب النابلسي: (رمضان دورة تدريبية للمؤمن، يأتي كل عام ليعلم المؤمن درساً جديداً)

ففي هذه الدورة التدريبية ستجد نفسك قادراً على إنهاء جزء من القرآن كل يوم، وقادر على ختم القرآن في كل شهر، وليس فقط في شهر رمضان.

لن تستغرق منك التلاوة أكثر من نصف ساعة لكل جزء بعد كل صلاة، ولكنك بهذه الطريقة ستتمكن من إنهاء ختمة شهرية، وبالتالي ستنهي اثني عشر ختمة على مدار العام. وسيصبح القرآن رفيقك الدائم، وسيصبح وردك القرآني أهم ما تقوم به كل يوم، وستشعر بالبركة في يومك وإنتاجيتك وتبقى على نهج رمضان.

2) التخلص من عادة سلبية

هناك الكثير من العادات السلبية في حياتنا، نرغب بالتخلص منها، لكننا نفتقد إلى الإرادة القوية التي تمكننا من ذلك، لكن شهر رمضان يأتي كل عام ليزيد من قوة إرادتنا وصلابة عزيمتنا، فالإنسان القادر على ترك الطعام والشراب وتطويع جسده في الصيام، قادر بالتأكيد على التخلص من أي عادة وفكرة غير صحية يقوم بها مثل (التدخين). فالمدخن الذي امتنع طوال ساعات النهار عن التدخين، قادر إن رغب أن يمتنع عنه خلال الليل، فرمضان فرصة ذهبية للتخلص من العادات السلبية، لأنه يعلم الإنسان الصبر وضبط النفس، ونعلم أن أي عادة سيئة يمكننا الامتناع عنها بعد مرور 21 يوماً من التنفيذ، ورمضان 30 يوماً وسيكون الشهر المثالي لتثبيت الإرادة وتعويد النفس على تجنب أيّ عادة سيئة والبقاء على نهج رمضان.

إقرأ أيضاً: 9 أفكار ديكورات رمضان 2022 مميزة ومختلفة بالنقر هنا

3) الالتزام بنظام صحي للبقاء على نهج رمضان

نحلم جميعاً بأجسام مثالية، ونشيطة، ونحلم بالتخلص من الأطعمة الصناعية والالتزام بالطعام الصحي المفيد، ولكننا دوماً نضعف أمام رائحة الطعام الشهي وأشكاله، ونعود إلى روتين الحياة اليومي، ولا نحقق أي تغيير يُذكر.

لكن في شهر رمضان لدينا فرصة رائعة لتنظيف الجهاز الهضمي، فالصيام يفيد في استهلاك احتياطيات الدهون المتراكمة وتنظيف الجسم من السموم الضارة، فبعد صيام يوم كامل عليك أن تحرص على الطعام الصحّي عند الإفطار لتحقق الفائدة الكاملة من الصيام. وهذه إحدى الأفكار التي يمكننا الاعتماد عليها للبقاء على نهج رمضان.

يمكنك أيضاً الاطلاع على الطريقة المثلى لاستقبال شهر رمضان المبارك

4) ضبط النفس عن المحرمات

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة 183

فالغاية من الصيام هي التقوى، فالصائم يردعه صيامه عن الغيبة والنميمة والجدل والخصام، ويردعه صيامه عن ارتكاب الموبقات، وفي هذا تدريب للنفس على كبح شهواتها والالتزام بطاعة الله والابتعاد عن المعاصي، وهذه من خصائص الصيام وحده، لذلك يكون للصائم أعظم الأجر والثواب،

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.

فالصوم هو العبادة التي تضبط سلوك المؤمن في كل حركاته وسكناته، في ليله ونهاره، لا رياء فيه. فمن هنا يشعر المؤمن بأنه قادر على ضبط نفسه عن المعاصي طوال الشهر الكريم، وبالتالي هو قادر على ضبطها في باقي أيام العام والبقاء على نهج رمضان.

لقراءة فضل ليلة القدر في رمضان انقر هنا

5) نحرص على قيام الليل ولو ركعتين لنبقى على نهج رمضان

من أفضل الأعمال عند الله صلاة الليل، فقيام الليل هو شرف المؤمن وعزته وهو دليل حبّه لله تعالى وإخلاصه، فهو هجر نومه وراحته امتثالاً لأمر الله ورغبة في نيل رضاه، يقول سبحانه وتعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) السجدة:16.

ومن فضله تعالى أنه وعد من يقوم الليل بالدرجات العليا من الجنة. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام).

ومع ذلك يهجر الكثيرون هذه العبادة العظيمة ويجهلون مكانتها، ويأتي شهر رمضان ليذكرنا بهذه العبادة العظيمة، ويحثنا على التمسك بها كل يوم من خلال صلاة التراويح التي يلتزم بها المسلمون في كل يوم من أيام الشهر، وأقلها ثمان ركعات، حيث تصبح جزءً من روتينهم اليومي. وبعد أن ينتهي رمضان نشعر جميعاً أن قيام الليل ليس بهذه الصعوبة، فها نحن قد التزمنا به طيلة الشهر الكريم، وبإمكانك أن تصلي كل يوم بعد صلاة العشاء ركعتين أو أكثر على نية قيام الليل، وبذلك تكتسب هذه  العبادة العظيمة وتصبح جزءً من عاداتك فتبقى على نهج رمضان من الطاعات.

لمزيد عن الأفكار العملية ليكون شهر رمضان مختلفاً، انقر هنا

6) نعويد النفس على الصبر كي نبقى على نهج رمضان

كما قلنا سابقاً، رمضان دورة تدريبية لتهذيب النفس، وإكمال نواقصها وتقوية إيمانها وكبح جموحها، وأهم ما يعلّمنا إياه الصيام هو الصبر، فالصبر عن الطعام والشراب يعلّمك الاستغناء عن أشياء كثيرة، ويجعلك ترى بعينك، وتختبر بنفسك مدى قوة صبرك وتحملك، والصائم يتعلم الصبر على الأذى والقدرة على ضبط النفس وعدم الغضب، والصائم يشعر برقة في قلبه وهدوء في نفسه مما يجعله أكثر قدرة على التحمل والصبر.

والصوم يعلمنا أن نستشعر مراقبة الله لنا في جميع أحوالنا، ونتعلم كيف نضبط سلوكنا في كل حركاتنا وسكناتنا، فالله معنا يرانا ويسمعنا، هذا الشعور الداخلي بالمراقبة من الخالق كفيل بضبط النفس وتوجيهها نحو السلوك الصحيح.

7) تصدق كل يوم ولو بالقليل

رمضان شهر التكافل الاجتماعي والشعور بالآخرين، ويحرص الكثيرون على تأدية زكاة أموالهم في رمضان، للحصول على الأجر العظيم ولمساعدة الأخرين، فبإمكاننا توفير مبلغ بسيط يومياً وتخصيصه للصدقة، وهكذا تبني لنفسك عادة إيجابية جديدة وهي الصدقة اليومية.

ففضل الصدقة عظيم وأجرها كبير، تطفئ غضب الرب، وتكفّر عن الذنوب والمعاصي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها).

لأفكار عن أعمال خيرية في شهر رمضان، انقر هنا

ونتيجة لما سبق عزيزي القارئ، ستجد أنها افكار بسيطة تقودك إلى عادات إيجابية لتبقى على نهج رمضان، فيكون رمضان كل عام شهر تجديد العزيمة والعودة إلى الله، فكن مع الله يكن معك.


المصادر

د. العمر في حوار حول رمضان: كيف نبقي وهج العبادة طوال رمضان؟

ماذا بعد رمضان

ماذا بعد رمضان – أبو اسحق الحويني – طريق الإسلام

زر الذهاب إلى الأعلى