قصة أغنيةمقالات منوعة

يا حبيبي كلما هب الهوى وفيروز

 

كلمات أغنية يا حبيبي كلما هب الهوى للسيدة فيروز والأخوين رحباني كلمات وألحانا

يا حبيبي كلّما هبّ الهوى

يــا حـبـيبي كـلّما هـبّ الـهوا

وشَــدا الـبـلبل نـجـوى حُـبِّـهِ

لـفّني الـوجد وأضناني الهوى

كَـفَـراشٍ لـيس يـدري مـا بِـهِ

صُـغْ لـقلبي يـا حـبيبي حُلُما

مـن سنا الصبْح وغدر الغَلَسِ

لُـمَّني مـن وَحْشَةِ العُمْرِ كَمَا

لـمَّتْ الـنسمة عِطر النَرْجس

يا زمان الحبِّ هل رُجْعَى إلى

عـهـدنا والـروض زهـرٌ يَـبْسُمُ

نـنـهبُ الـفـرصة والـلـيل حـلا

بـالأغـانـي ودَعـانـا الـمـوسمُ

يــوم  جـئـناهُ فـأبـدى سَـقَـمَا

وتَــهــادى بـحـريـر الـمَـلْـبَسِ

أشْـرَقَتْ عـيناهُ سـحراً مـثلما

يـشرقُ الصُبْحُ بيومٍ مُشْمِسِ

كلمات وألحان: الأخوين الرحباني

غناء: فيرز

 

يا حبيبي والأخوين رحباني

موشح غنائي جميل على خطا موشح لسان الدين بن الخطيب (يا زمان الوصل) وهذا يجعل من الأخوين رحباني في عداد الشعراء المعاصرين الأكثر شهرة على الإطلاق، ففي كلماتهما سحر جميل ولغة مأنوسة تجذب العقول بسحرها وتطرب القلوب بهمسها، فالقصيدة شاهد على شاعرية الأخوين رحباني، وتلك الملكة الفطرية الصادقة في ترجمة الأحاسيس إلى لغة راقية لتدهشنا بخيالها وصورها وإيحاءاتها. يمكنك أن تقرأ أكثر عن هذا في مقال الشعر الغنائي

يا حبيبي…؟ هذا الخطاب الساحر وما فيه من نداء يلهب المشاعر، ويجعل من السامع مُستثاراً بما يحمله النداء من شغف للحبيب واشتياق وهيام به، ونلاحظ الخطاب دون تحديد هويته.. فمن هو؟ لكنه ليس نكرة.. بل هو من يملك مجامع قلبها ولبها.. إنه نداء بطريقة فيها لفت نظر للمستمع الذي سيأتيه الكلام الهام لاحقاً.

إنه وصف لحالة إنسانية فيها اختزلت كل مشاعر الحب والشوق من خلال هذا الوصف الجميل فنلاحظ هذا الوصف…

كلما هب الهوى… وكلما شدا البلبل

فالنسيم يهب دائماً والبلابل تشدو أيضاً بلا انقطاع، ولا يخفى ذلك على أحد، وبالتالي سيلفها الوجد والحب، ويضنيها الهوى والعشق كلما هب الهوى وشدا البلبل.

قوة التصوير والخيال

هذه حالها فهي تشبه حال الفراشات الحائرة، ولا تدري ما بها إنه الولوج إلى عالم الفراش الداخلي، ووصف حيرته، وهي ولوج نادر من نوعه لعالم الفراشات السحري. هذا الحب  الرقيق واللطيف الذي تحكمه لغة الوجد والهوى والحيرة  والهيام، فتضطرم فيه المشاعر، وتتجلى بتلك الصور الشعرية الرائعة، فيبهرنا التصوير والخيال، تصوغه الحبيبية بطريقة ذكية وبصيغة الأمر بقولها (صغ)، فحبيبها صائغ ماهر، لكنه لا يصوغ الذهب، بل هو صائغ يصوغ الأحلام الجميلة التي تحتاجها القلوب العاشقة، وتجعل منها بلسماً شافياً لها يصوغها من سنا الصبح، ومن غدر الغلس. إنه تصوير رائع، نعم.. إن الأحلام الجميلة قد صنعت من سنا الصبح وبهائه، وغدر الغلس فيه اختلاط الحلم بالطبيعة، إنه تزاوج مثالي وراقي.

وعندما نقرأ (ولمني من وحشة العمر) تصوير يختصر كل ذلك الشوق والهيام، فلا بد من دفء اللقاء والوصال بعد هجر ووحشة وبعد ذاك الفراق وغربة السنين. لمني كما تحمل النسمة عطر النرجس، فالنسمة تجمع عطر النرجس ثم تنشره ليبعث الحب والفرح وطيب الرائحة. إقرأ أيضاً عن القصة الجميلة التي غناها كاظم الساهر في مقال قصة أغنية أنا وليلى

ذكريات الزمن الجميل

ولا بد من الوقوف على ذكريات الزمن الجميل، فللحب زمان سابق فيه من الحنين والذكريات ما يعيا عنه الوصف، فتسأل الحبيبة هل يا ترى ثمة رجوع إلى العهد الأول، عهد الوصال والمحبة حين يكون للزهر ثغره المبتسم. نسرق من العمر فرحة اللقاء بين الزهور والفرح والمواسم المليئة بالحب والخير والغلال، وكأنها تدعونا إليها، فعندما جاؤوا إلى الحبيب كان يعاني مرضاً وسقماً وهزالاً، لكنه ما لبث حتى رفل بأثواب الحرير الناعمة الملمس، وأشرقت عيناه بالسحر والجمال من فرحة اللقاء. نرى في تصوير هذا الفرح انقلاب شعوري من السوداوية إلى نظرة التفاؤل، تلك النظرة المتفائلة التي أراد لها الأخوين رحباني  بأن يختما القصيدة بها بالحديث عن إشراق وجه الحبيب على نحو يشبه إشراق الصباح بيوم ربيعي مشمس، يؤكد لنا انحياز الشاعرين إلى الحياة، وإلى الحب والجمال بكل تجلياته الطبيعية والإنسانية، وما يرافقها من أحاسيس جميلة تداعب القلوب وتسرع نبضها، لتحلق عالياً في عوالم الإبداع والسحر.

 

هذه إضاءة لما حوته تلك القصيدة من جماليات تستحق التأمل والتمتع بمكنوناتها كيف لا وقد غنتها المطربة اللبنانية فيروز بصوتها الملائكي الذي هو أقرب إلى عالم الملائكة من عالم البشر، فتحقق التكامل بين الكلمة الساحرة، واللحن الجميل، والصوت المخملي الرائع ليصوغ لنا جوهرة أدبية إبداعية موسيقية رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

 

بقلم نزار جميل ابو راس

بواسطة
أغنية يا حبيبي كلما هب الهوى
زر الذهاب إلى الأعلى