
جدول المحتويات:
الشاعر مفدي زكريا واحدٌ من أشهر شعراء الجزائر؛ لذا سنحاول تسليط الضوء على شعره بوصفه واحداً من النماذج المشرقة في تاريخنا الأدبي المعاصر، فلقد كان مفدي زكريا مثالاً في انتمائه الوطني، وسنحاول باستعادة إسهاماته أن نصل ماضينا بحاضرنا، وأن نحافظ على شخصيتنا العربية وهويتنا الخالدة.
من هو الشاعر مفدي زكريا
الشاعر مفدي زكريا 1908-1977 شاعر الثورة الجزائرية، ومؤلف النشيد الوطني الجزائري، وواحد من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، كما أنّه من المؤسسين لاتحاد الكتاب العرب الجزائريين.
كانت ومازالت كلماته تُلهب الجماهير، وتنبض بالحريّة، وتحثّ الشباب على النضال، ودحر المستعمر الفرنسي، لقد أراد وفعل، أراد طرد الفرنسيين، ففعل كل ما يلزم، فانعكست هذه الرغبة الملحة شعراً صادقاً ، يشعُّ لهباً مقدساً.
حياة مفدي زكريا
ولد في 12 حزيران 1908م في قرية بني يزقن من وادي ميزاب في مدينة غرادية في الجنوب الجزائري، أمّا اسمه فهو زكريا بن سليمان بن الشيخ الحاج سليمان؛ ولقد لُقبت العائلة بـ آل الشيخ، في حين لُقب زكريا بـ “الفتى الوطني” و”ابن تومرت” و”فتى ميزاب“، أمّا “مُفدي” فهو لُقبه الذي اختاره واعتمده بدءاً من 1926م، وقد عبّر بفخرٍ عن ذلك بقوله: “وطني بروحي أفتديك ومهجتي ودمي الشريف مبرة ووفاء”. وقد اختلفت الروايات فيمن أطلق عليه هذا اللقب، فهناك من قال إنّ زميله سليمان بوجناح هو من فعل ذلك، وهناك من يقول أن أستاذه الخطاب بوشناق أطلق عليه هذا اللقب لما رآه فيه من ذكاء ومحبة للعلم.
تُقسم حياته إلى عدّة أقسام:
(نشأته): من مولده حتى مغادرته إلى تونس 1922م
بدأ مفدي تعليمه مثل الكثيرين من أبناء الجزائر في الكتاتيب، حيث تعلم القرآن وقواعد اللغة العربية، ثمّ
في السابعة سافر إلى مدينة عنابة مع والده التاجر، وفيها أكمل حفظه لـ كتاب الله.
(تحصيله العلمي) من حياته من وصوله إلى تونس 1922 إلى سنة 1926م
أُرسل إلى تونس في منحةٍ طلابيّةٍ، حيث درس في مدرسة السلام للقرآن مدةً لاتتجاوز العامين، نال على إثرها شهادة ابتدائية في اللغة العربية، وكذلك في أساسيات اللغة الفرنسيّة. وبعد ذلك تابع دراسته في مدرسة الخلدونية، إذ درس للمرة الأولى مواداً علمية كالرياضيات والجغرافيا، وأخيراً حطّ رحاله في جامع الزيتونة؛ ليتعلم النحو والبلاغة والأصول على يد أبرز الأساتذة والفقهاء.
(العودة إلى الجزائر) من 1926م إلى سنة 1936م
في أواخر سنة 1926م، بعث والده في طلبه؛ ليعود إلى الجزائر ويتزوج، وبعد عودته إلى الجزائر بدأ في ممارسة مهنة أبائه وأجداده (التجارة). لكن فيضه الشعري لم ينقطع بل تابع نشر قصائده الثورية في جريدتي الشهاب ووادي ميزاب. وتُظهر قصائده مزامنةً لأحداث الجزائر ولتطوراتها، كما تُظهر اهتماماً بالغاً وحبّاً عميقاً لوطنٍ انتمى إليه رغم أنّه ابتعد عنه.
(العمل الثوري) 1936-1954م
في هذا القسم من حياته أبدى اهتماماً بالانضمام إلى الحركات الجزائرية الوطنية، التي كانت في مرحلة العمل السياسي، ولم تنتقل بعد للكفاح المسلح.
(النضوج الشعري) 1954-1962م
يعدُّ هذا القسم من أهم أقسام حياته، كما يعدّ من أهم الفترات التاريخية الجزائرية إذ شهدت هذه المرحلة أحداثاً بارزة تركت منعكساتها على مسار التاريخ إلى اليوم. وفي هذه المرحلة بدأ نجم مفدي زكريا يسطع، وبدأ يرسخ اسمه كشاعر للثورة الجزائرية من خلال قصائد حُفرت في أذهان الناس كـ (قسماً) ونشيد العمال وكذلك الطلبة.
(المرحلة الأخيرة) من 1962- 1977م
كان مفدي في هذه الفترة من أبرز الدعاة لوحدة الأقطار المغربية، كما ساهم في بناء الجزائر بعد استقلالها وطرد الفرنسيين منها.
النشاط السياسي
ليس شعر مفدي زكريا فقط من كان يعبر عن حبّه الشديد لوطنه، بل كانت تضحياته، إذ سُجن عدّة مرات فداءً للجزائر وسعياً لتحريرها من المستعمر الفرنسي. كما كان شعره لسان حال الثورة الجزائرية، إذ واكب شعره الثورة منذ عودته من تونس في 1926م، كما ساند الحركة الإصلاحيّة التي أنشأها علماء الجزائر والتي كانت الخطوة التمهيدية لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إذ قام مفدي زكريا بدعم الحركة وأهدافها، كما روّج لمبادئها من خلال النشر في الجرائد التابعة لها، ممّا اضطره أحياناً إلى النشر باسم ديك الجن، وذلك في بعض قصائده التي انتقد فيها السلطة انتقاداً لاذعاً. إقرأ أيضاً في النقد الأدبي عن البيان والتبيين لمؤلفه الجاحظ
كما انضم إلى حزب نجم شمال إفريقيا ومن ثم إلى حزب الشعب الجزائري، وبعد ذلك تولى مهمة رئاسة تحرير مجلة الشعب التابعة للحزب، ومن ثمّ تولى منصب الأمين العام للنشاط السياسي؛ ليقع على إثر ذلك في يد الفرنسيين بعد قيامه مع عدد من رفاقه بمسيرة جماهيرية حاشدة، شارك فيها أكثر من عشرة آلاف مواطن جزائري، جابت شوارع الجزائر وهتفت بـ:
فـــداء الجزائر روحي ومـــالي ألا في ســــبيل الحريــــــــــة
فليحي (حزب الاســــــتقلال) و(نــجم شــــــمال إفريقيـــة)
وليحي شباب الشعب الغالي مثــــال الفــــدى والوطنيـــــة
ولتحي الجـــزائــر مثل الهلال ولتحيّ فيهــــــــا العربيــــــة
وكانت المسيرة في تاريخ (عيد الحرية) الفرنسي، لكنّه في الواقع (عيد القمع الفرنسي)، وكأن الحرية حقٌ مقتصرٌ على الفرنسيين دون غيرهم.
ولقد عبرت القصيدة عن مبادئ حزب الشعب الجزائري “الإسلام ديننا والجزائر بلادنا والعربية لغتنا”، إذ رفض الحزب صراحةً سياسة التجنيس وكذلك سياسة الاندماج، ونلاحظ أنّ مفدي زكريا حمّل أبياته الشعريّة هذه المعاني، فجاء شعره وطنياً حماسياً ثورياً وكذلك خطابياً. إقرأ أيضاً عن دلائل الإعجاز للإمام عبد القاهر الجرجاني
أمّا قصيدته “فداء الجزائر“وقصيدته “اعصفي يا رياح”، فقد كانا يصدحان في زنزانات المعتقلين الجزائريين، رغم كل محاولات الفرنسيين إسكاتهم، ورغم كل التعذيب والقمع في السجون.
ثمّ صار نشيد “اعصفي يا رياح” نشيد الشهداء بعد اندلاع الثورة الجزائرية المظفرة، إذ كانت أبياته تنبض بالوطنية والدعوة إلى فداء الحرية والاستبسال من أجل الجزائر:
اعصفي يــــا ريــــاح واقصفي يـــا رعـــود
واثخني يــــا جـــراح واحــدقي يا قيــــود
نحن قــــوم أبـــــــاة ليـــس فينــا جبـــان
قد ســئمنا الحيــــاة في الشــقا والهـوان
أدخلونــا الســــجون جرّعـونــــا المنـــون
ليـــس فينــا خــؤون ينثنـي أو يـــهــــون
لم يقف مفدي زكريا عند هذه القصائد بل واصل يكتب الشعر، الشعر من أجل وطنه فقط، حاملاً شعلة الحرية، مناصراً للمناضلين، مشاركاً معهم في نضالهم وملازماً لهم في كفاحهم.
فقال:
يا فرنســــــــــا لاتجهلينـــا فإنـــــا قد نهضنــــا فـــلا نطيق ركـــــــــودا
قــد كرهنــــا حيـــــاة ظلم وجــور وســــــــئمنا الخــراب والتـبـــديــــدا
كف هذي اللجـــان عنّــــا فإنّـــــــا قــــد ســـــــمعنا وعيدها والوعودا
ضاق صدر البلاد يا جبهة الشـعب فهــل تنتجين شــــــــــيئاً مفيـــــدا
وبعد هذه القصيدة، قام المستعمر الفرنسي بإغلاق جريدة الشعب، واعتقل رئيس تحريرها مفدي زكريا بتهمة التآمر والعصيان، وخلال السجن استمرّ الشاعر يلهب الجماهير الجزائرية بشعره النضالي، إذ كتب قصائد لـ سجن بربروس الذي كان معتقلاً به.
ومع انشقاق الحركة الجزائرية الوطنية على إثر الخلافات التي عصفت بعد الحرب العالمية الثانية، بقي مفدي زكريا محايداً، حتىّ عاد مجدداً كمجاهد وكشاعر مع انطلاقة الثورة الجزائرية المظفرة في 1954م
التحام حياة مفدي زكريا الأدبية بنضاله السياسي
بدأ مفدي محاولاته الشعرية في تونس، وكان يقرأ ما يكتبه على أصدقائه وعلى أساتذته، فيجد منهم الرضى والتشجيع، وهذا نجده في قوله: “أمّا الشعر فأنا فيه أستاذ نفسي”
إذن، ساهمت البعثة في تونس من جهة، وقربه من شخصية الشيخ صالح بن يحي والزعيم الثعالبي من جهةٍ، والجو المشتعل الذي كانت تشهده تونس بعد الحرب العالمية الأولى من جهة ثالثة في تبلور مواهبه الشعريّة. كما ساهمت في جعله أكثر ميلاً إلى الشعر الوطني الثوري إذ التحمت حياته الأدبية بحياته السياسية منذ عام 1925م. وتعدُّ قصيدة “إلى الريفيين” الانطلاقة الحقيقيّة لمفدي زكريا، إذ نشرت عام 1952م ، وتحدّث فيها عن حركة الريف النضالية في المغرب الأقصى بقيادة عبد الكريم الخطابي. وقد ألقاها بحماسٍ بالغٍ في تونس في نادي الحزب الحر الدستوري، ممّا أدى إلى سجنه مدة 15 يوماً وعمره كان في ذاك الوقت لا يتجاوز 17 سنة حيث كان لا يزال طالباً. ومن ثمّ انضم إلى حزب الشعب الجزائري وسانده بحماسة بالغة، وكتب له سنة 1936م “فداء الجزائر روحي ومالي” الذي أصبح أول نشيد يعتمد للثورة الجزائرية وهي مازالت في إرهاصاتها الأولى، وقد لقي هذا النشيد انتشاراً واسعاً، إذ تضمنت أبياته تعزيزاً وفخراً بالانتماء للجزائر، ورفض كل أشكال التبعية للمستعمر الفرنسي.
ثمّ بدأ مفدي زكريا ينخرط في نشاطات جمعية طلبة شمال إفريقيا، وقد قدّم لهم أيضاً مجموعةً من أروع قصائده كـ “نسل الفاتحين” و”عقيدة التوحيد“… وغيرها، ومن ثمّ اعتقل من قبل المستعمر الفرنسي مع انطلاقة أحداث الثورة الجزائرية المظفرة في 1955م، لكنّ هذا لم يمنعه من تحفيز الجماهير بتأليفه لنشيد الثورة الجزائرية “قسماً” من سجنه. ومن ثم وفي السنة الرابعة للثورة عام 1958م، ألهمت قصيدته “اقرأ كتابك” من السجن أيضاً، ألهمت الجماهير، فوصفت الكفاح المسلح والتضحيات الباسلة التي قدمها شعب الجزائر فداءً لتحريره، والتي جاء فيها:
هذا نوفمبر… قمْ وحيّ المدفعـــا واذكر جهادك… والسنين الأربعا!
واقـــرأ كتــــــابكَ للأنــــام مُفصّلاً تقرأ به الدنيــا الحديث الأروعـــا!
واصدع بثورتــكَ الزّمــــان وأهلـــه واقرع بدولتك الورى، والمجمعـا
واعقــد لحقِّـك، في الملاحم نـدوةً يقف الزّمان بها خطيباً مِصْقعــا!
بعد هذه القصيدة، عدّ شهر نوفمبر تاريخاً علنياً لانطلاقة الثورة الجزائرية. إذن، مثّل شعر مفدي زكريا النضالي محطةً مهمةً وتجربةً رائدةً ليس في الجزائر فقط بل في كل أصقاع المغرب العربي وكذلك العالم العربي، لقد مهّد شعره الطريق لمن جاء بعده من الشعراء الوطنيين، فحمل شعره نبض الثورة ودفقها الحيّ، وألهب النفوس لخوض غمار معركة التحرير. فقد كان المعبر عن كل ما يريده الناس، وعن أحوالهم وعن شجونهم ومآسيهم من المحتل. كما يعدُّ مفدي زكريا أول شاعر، دعا في شعره إلى وحدة المغرب العربي، إذ قال:
تونس والجزائر اليــــوم والمغــــ ـــرب، شعبٌ لن يستطيع انفصالا
وحــدة أحكـــم الإله سُـــــداهـا من يُــــرد قطعهــــــا أراد مُحــــالا
كما دعا إلى الوحدة العربية في عدّة قصائدٍ له:
إمّــا تنهّـــد بالجــزائر مُــوجــعٌ آسى (الشآم) جراحَه، وتوجّعا!
واهتـزّ في أرض الكنانة خافقٌ وأقــــضَّ في أرض العــــــــراق
إنتاج مفدي زكريا الشعري
لمفدي زكريا العديد من الدواوين الشعريّة التي أغنت الوسط الشعري الجزائري والعربي. لكنّ قصيدته الموسومة بـ “إلياذة الجزائر” هي أشهر قصائده على الإطلاق. إلا أن عطاء مفدي زكريا لم يقف هنا، بل قدّم للثورة الجزائرية أيضاً نشيد الشهيد، وهو النشيد الذي كان المناضلون الجزائريون المحكمون بالإعدام يرددونه عند صعودهم إلى مقصلة الإعدام، ومطلع هذا النشيد:
اشـــنقوني، فلسـت أخشى حبالاً واصلبوني، فلست أخشى حديدا
وامتثل ســـــــافرّاً مُحيّـــاك جلّادي ولا تلتثم، فلســــــت حقـــــــودا
فمن بطولات الشعب الجزائري كان يستمد ملاحمه الشعريّة، وفي شعره، نلحظ أثراً بالغاً لثقافته وتنشئته الإسلاميّة، إذ ظهر في شعره اقتباسٌ من القرآن الكريم، وكذلك تضمينٌ لأمثال وحكم وأبيات من التراث العربي العريق.
كقوله:
تبّت يدا قـــوم نـــدن أبالســـــــةٍ تسعى لجعل بني القرآن أيد سبا
مطلع هذا البيت، ينقلنا إلى سورة المسد “تبّت يدا أبي لهبٍ وتب“، فالشاعر استخدم التناص القرآني، ليعطي لشعره دلالة مضمرة.
كما يقول في بيتٍ آخر
اقرأ كتـــــابـــك للأجيـــال يا مَدَنِي كَفَى بِنفســــــــك صدّاحا على فنن
أيضاً مقتبس من الآية الكريمة {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}
كما استمدّ بعض التراكيب من الشعر العربي القديم، كقوله:
كم بكينــا مع قفــــــا نبــكِ، فلم نكُ نَبْكِ (كامرِئ القيس) قيَامَـا
وفي هذا البيت تضمين لمطلع معلقة امرئ القيس، وكذلك في قوله:
وأنت العَصيُّ الدّمعِ، إن حَلَّ طَارقٌ ألسْتَ الذي لا تَرْهبُ الإنسَ والجنا
في هذا البيت تأثر بأبي فراس الحمداني في قصيدته “أراك عصي الدمع“، لكنّ، المتنبي يعدّ من أكثر الشعراء أثراً في مفدي زكريا، ومنذ لك قوله:
حَلّقْتُ كالنّســـــر، في آفــاق حَاضرنـا وغُصْتُ كَالسِّحر، في أعماق ماضينـا
كَمْ صفَّقتْ لأناشـــــيدي، مَــدافِعُنــــــا وأَطـرَقت لتســــــابيحي، نـــــوادينـــا
فكان شـــــعري والرشّـــاش في مرحٍ هــذا يغني وذا، يُـــزجي التَلاحينــــــا
وكـــــان للجيـــــش تنزيلاً، يُــرتلـــــــهُ وقــــد تنــزّل يفتــكُ الميــــــاديـــنـــــا
كما اقتبس في موضعٍ آخر شطراً كاملاً للمتنبي:
لا يســـلمُ الشّـــرف الرفيـع من الأذى حتّى تُغســـــل بالـدمـــــاءِ بِطـــــــاحُ
كما ظهر تأثره ببعض النماذج الشعرية العربية المعاصرة كالشابي وخاصةً في قصيدته (الذبيح الصاعد)، إذ يقول:
وإذا الشـــــعب، داهمته الرّزايـــــا هبَّ مُســتصرخــاً، وعـــاف الركودا
وكذلك جبران خليل جبران في موضعٍ آخر من شعره:
ليس في الأرض ســــادةٌ وعبيد كيف نرضى بأن نعـــيش عبيدا؟!
من العدل، صاحب الدار يشـقّى ودخيلٌ بها، يعيــــشُ ســـــعيدا؟!
الخاتمة:
إنّ إعادة الضوء لهذه النماذج المشرقة من أبطالنا، لهو مطلبٌ ملحٌّ، يعزز الانتماء العربي، ويرسخ الاعتزاز بالأمة في ظل عصرٍ يشهد انحدارها. لقد كان مفدي زكريا مثالاً في انتمائه الوطني، وعلينا أن نسير على نهجه ونبلغ رسالته ونقتدي به، فنعمل على إحياء ماضينا العريق، وأن نصله بحاضرنا، محافظين على شخصيتنا العربية وهويتنا الخالدة.
أمّا شعره فقد عكس تأثراً بالغاً بالثقافة الإسلاميّة وبالحضارة العربية العريقة، فجاءت أبياته تعجُّ بمفردات تراثية، كما ظهر تأثره ببعض النماذج الشعرية العربية المعاصرة من مشرق الوطن العربي ومغربه، أي أنّه لم يقف عند القديم، بل استفاد من كل ما أتيح له من شعر وأدب، وكل ما ناسب ذائقته الجمالية، فجاء شعره حداثياً أحياناً وإحيائياً أحياناً أخرى. وما مرّ معنا من حديث عن الاقتباس والتضمين في شعره، لهو أبلغُ دليلٍ على ذلك.
بقلم الدكتورة آلاء دياب
المصادر