قصة أغنيةمقالات منوعة

عبرت الشط على مودك وكاظم الساهر

قصة أغنية عبرت الشط على مودك

 

قصة أغنية عبرت الشط على مودك للفنان كاظم غناء وتلحيناً، من الموروث الشعبي العراقي كتبها الشاعر عزيز الرسام.

فالحَكايا الشعبية تحمل مخزوناً فكرياً، وشعورياً عظيماً، تروي وتلخًص كل قيم الحياة السامية، وتعتصر كل التجارب الإنسانيّة والمعاناة الوجدانيّة، وتقدمها بكأسِ مُدامها، لنرشفها على مهلٍ، حتى نشعر بنشوة كبيرة تدخلنا معها في لذة خيالية، وصور إيحائية، برسمها لأحداثها، ومشاعر أشخاصها بكل وضوح، وبإحساس مرهف وشعور عفوي سليم، نعيد معها صياغة أحداثها بطريقة إبداعية، تلهمنا بكل ما فيها من وقائع وأحداث ومشاعر.

كلمات أغنية عبرت الشط على مودك

عبرت الشط على مودك وخليتك على راسي

بكل غطّه أحس بالموت وبقوه أشهق أنفاسي

وسميتك أعز ناسي

كل هذا وقلت أمرك أحلى من العسل مرك

وين تريد أروح وياك بس لا تجرح إحساسي

أمر وعيوني بعيونك وأنت عيونك لغيري

فضلتك على روحي وضاع وياك تقديري

قول ايش قصرت وياك، وش تطلب بعد أكثر

على ذراعي تنام الليل، وأقول ارتاح وأنا أسهر

وصلت لشاطئ أحلامك بتضحيتي وسهر ليلي

ولا مرة قلت ممنون، وأنا الل منهدم حيلي

قول ايش قصرت وياك، وش تطلب بعد أكثر

على كفوفي تنام الليل، وأقول ارتاح وأنا أسهر

الشاعر: عزيز الرسام

ألحان وعناء: كاظم الساهر

أحداث أغنية عبرت الشط على مودك

كلمات هذه الأغنية مُستلهمة من التراث الشعبي العراقي والفنان كاظم الساهر غناها باللهجة العراقية والخليجية، حيث حققت الأغنية نجاحاً كبيراً

تدور أحداث القصة  في العراق وعلى شاطئ نهر دجلة، حيث تقول الرواية الشعبية، أن فيضاناً حدث في تلك المنطقة قبل أن تُشاد السدود، غمر الفيضان البيوت والأراضي والأشجار، وكل شيء، كان هناك بيت طيني صغير تسكنه امرأة مع صغيرها الرّضيع، وأثناء الفيضان أدرَكت بعاطفة الأمومة وحدسها الأنثوي الخطر المحدق بها، ولم تكن تعرف السباحة، ولكن في لحظات كهذه أحست بقوة عظيمة وضعها الله بها. نعم ففي لحظات الخطر، يهبنا الله قوة كبيرة تجعلنا نتحدى الخطر وننتصر عليه. إن العناية الإلهية وعاطفة الأمومة الطاغية، حركتا مشاعرها، فاندفعت في الماء، وقد حملت طفلها الرضيع على رأسها خشية أن يغرق وتصل إليه المياه. كانت في كل مرة تسير سابحة من غير إدراك، تعلمت السباحة بطريقتها الفطرية، وبغريزة الأمومة، وتلك القوة الخفية التي منحها الله إياها، فكانت كلما ينزل رأسها تحت الماء  تقوم برفعه إلى الأعلى لتأخذ نفساً عميقاً يشعرها بأنها ما زالت حية، وصراخ طفلها الصغير كان محرضاً لها. هي رسمت نهاية لهذه المغامرة المقدسة، وهي إنقاذ صغيرها، فهي لم تفكر بنفسها مطلقاً، هدفها أن تصل إلى شاطئ الأمان دون أن يمس طفلها سوء، فتشهق أنفاسها وتتابع رحلتها بصبر وإيمان، وفي كل مرة تحس بأن ملاك الموت يطوف حولها، يراقبها، يعد أنفاسها، ينتظر أن تنهي رحلتها العظيمة تلك، ورغم هذه المعاناة، وكمية الماء الذي ابتلعته، وصراعها المستميت والشرس من أجل المحافظة على حياة طفلها الرضيع، وصراخه الذي جعلها تثب في كل مرة من تحت الماء وترفع رأسها لتستنشق الهواء دون استسلام أو توان. إنها الأم أيها السادة، الأم التي تضحّي بكل شيء من أجل صغيرها، تضحي بحياتها ونفسها غير آبهة بشيء سوى إنقاذ رضيعها الصغير، وبعد عدة محاولات جريئة وشجاعة، وصلت الأم الأسطورة إلى محطة رحلتها الأخيرة.. وصلت منهكة محتضرة، لكن ملاك الموت كان في انتظارها، فاستقبلته بابتسامة عريضة بعد أن اطمأنت أن طفلها وقد وصل حياً وتم إنقاذه، ومن ثم ودعته، وودعت تلك الحياة مستسلمة لقدرها، راضية به بعد أن أدّت رسالتها المقدّسة كأم عظيمة تلخص  لنا قيم العطاء والتضحية. يمكنك أن تقرأ أيضاً قصة أغنية قل للمليحة وصباح فخري

الشعر الشعبي

الشعر الشعبي لم يترك هذه الحادثة تمر مرور الكرام، بل تركت أثرها واضحاً في وجدان المجتمع وفكره ونهجه الشعوري، ومعالجته الحكيمة لمثل هذه الأحداث العظيمة التي تخلدها الأيام بكلمات بسيطة، عفوية، صادقة، فالشعر الشعبي بفطرته السليمة يرسم لنا الأحداث بطريقته وأسلوبه الساحر، وقد كتب الشاعر الشعبي كلمات هذه الأغنية وما تمثله من ملحمة مقدسة في العطاء والتضحية.. إقرأ أيضاً مقالنا عن الشعر الغنائي

قرأ الفنان كاظم الساهر كلمات الشاعر الشعبي وأجرى عليها بعض التعديل لتناسب اللّحن، وقام بتلحينها وغنائها بصوته الجميل الفنان كاظم الساهر، وتركت كلماتها أثراً في نفوس المتلقّين لصدقها وعفويتها، وكأنها عتاب ولوم للحبيب، ولكن في حقيقتها تحاكى شجاعة أم ضحت بنفسها لإنقاذ صغيرها الرضيع.

وتبقى الحكاية الشعببة ملهمة الشعراء والمبدعين..

بقلم نزار جميل ابو راس

المصادر

عبرت الشط على مودك بصوت كاظم الساهر

المصدر
أغنية عبرت الشط على مودك
زر الذهاب إلى الأعلى