أدب وشعر

المعلقات السبع وأصل تسميتها

المعلقات السبع وتعليقها

المعلقات السبع وأصل تسميتها

سيكون موضوعنا اليوم عن المعلقات السبع وأصل تسميتها، حيث تُعدّ المعلقات من أفضل القصائد التي وصلتنا من آثار الأدب الجاهلي. وهي عبارة عن مجموعة قصائد ذات قيمة عظيمة، وصلت في فصاحتها إلى الذُروة من حيث الفكرة والخيال والموسيقى، وكانت المعلقات أكبر دليل على نضج تجربة الشاعر من خلال قوة وجمال التعبير في الغزل والفخر والحماس. فما معنى المعلقات اصطلاحاً ولغوياً، وهل فعلاً عُلّقت على أستار الكعبة فعلاً؟. معلومات كثيرة ستتعرف عليها في هذا المقال فتابع القراءة ..

معنى المعلقات اصطلاحاً

المعنى الاصطلاحيّ للمعلقات هو القصائد الجاهليّة النفيسة من جواهر الشّعر الجاهلي، وكانت من أشهر ما كتبه العرب قديماً. حيث تتميز تلك القصائد بثراء معانيها وقوة الحبكة فيها… كانت هذه القصائد تُكتب بماء الذهب قبل مجيء الإسلام، وتُعَلّق على أستار الكعبة، وهذا ما قيل عنها في أخبار الرواة والباحثين. وكان أول من جمع القصائد السّبع الطِّوَال هو حمّاداً الرّاوية وسماّها بالمعلقات. في ذلك الوقت زاد اهتمام النّاس بها وقاموا بشرحها. كانت القصيدة سهلة الحفظ لما تتمتع به من جرسٍ موسيقيٍّ وجمالٍ في المعنى… حيث كانت تبدأ بذكر الأطلال ودِيارِ الحبيبة، فيتغزّلُ بها وبمفَاتِنِها، ويستَفيضَ بسحرها، أو ينتقلُ للفخر بإنجازات قبيلته وشجاعة أبنائها في ردّ الغزاة عن الدّيار..

معنى المعلقات لغوياً

تأتي كلمة المعلقات من العَلْق، وهي جمع مُعَلَّق واسم فاعلٍ من علّق الشيء.. جذرها علّق، وجذعها مُعلّق، فكل شاة برجلها معلَّقة، أي أن كل شخص محَاسَب عن أعماله التي يقوم بها لوحده دون شريك. فالعلق هو كل شيء مُعَلّق. والعِلْق هو النفيس من كل شيء، وفي حديث حذيفة: «فما بال هؤلاء الذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا.

حقيقة تعليق المعلقات على أستار الكعبة

مع مرور الزمن ظهرت عدة آراء حول تعليق المعلقات على أستار الكعبة، فمنهم من أيّد الأمر، ومنهم من أنكره، فكان ممن أيّد تعليقها ابن الكلبي (ت 204هـ)، وتبعه ابن عبد ربه الأندلسي (ت 328هـ)، ثم ابن رشيق القيرواني (ت 463هـ)، وابن خلدون (ت 808هـ)، ونجد هنا أن أول من قال بأنها عُلّقت على أستار الكعبة كان بعد ثلاثة قرون من العصر الجاهلي. أما من أنكر أمر تعليقها وقال «أن التعليق لا يعرفه أحد من الرواة» كان أبو جعفر النحاس (ت 383هـ). تبعه في الأمر أبو البركات بن الأنباري (ت 577هـ)، وياقوت الحموي (ت 020 هـ). ومن الزمن الحديث كان طه حسين ومصطفى صادق الرافعي وشوقي ضيف. ومن المستشرقين أنكره نولدكه. وكان أقدم من شرح المعلقات هو الأعلم الشّنتمري المتوفي في 476هـ، وعندما نراجع أسماء أصحاب المعلقات نلاحظ أنهم ليسوا من قبيلة قريش، وبرغم قِلّة الشعراء من أهالي مكة، إلا أنها كانت العاصمة الثقافية بسبب موقعها السياسي والاقتصادي والديني، الشيء الذي جعل القبائل المحيطين بها كارهين وغيورين من قوتها ومكانتها، ونجد ذلك واضحاً في تخاذل القبائل اليمنية والمضريّة وعدم الدفاع عن مكة حين هاجمها أبرهة الحبشي بدافع من هرقل عظيم الروم لهدم الكعبة، حيث كانت الأسباب دينية واقتصادية أراد منها جعل العرب يحجّون إلى كنيسة القليس المتواجدة في صنعاء. فيتوارد للفكر هنا، أن من المسلّمات رفض قريش تعليق أشعار فيها الكثير من الفخر القبلي والقوة والشجاعة لشعراء قبائل خذلتها في محنتها. ومن جهة أخرى عندما نفكر بمكانتها الدينية، نجد معلقات امرؤ القيس والأعشى والنابغة الذبياني من القصائد التي تحمل فُحشاً تصويرياً للمرأة، الشيء الذي يتنافى مع مكانة مكة الدينية، في وقت توافر النُقاد الذين يُحتَكَم إليهم كالنابغة الذبياني وحسان بن ثابت في التمييز بين الشعراء، حيث لم يُروَ عنهم إبداءَ رأيٍّ في هذه المعلقات.

المعلقات وعلاقتها بفترة الدعوة النبوية

ما يرد للذهن أن الفتح الكبير لمكة تم على يد سيدنا محمد عليه أفضل الصوات والسلام، ومما ذُكر أن نبينا قام بتكسير الأصنام التي بلغ عددها «ثلاثمائة وستون» صنماً كانت منصوبة حول الكعبة، فلو أن الحدث الذي وقع يومها كان يضم المعلقات التي كانت مكتوبة بماء الذهب والتي كان يسجد لها الكفار حسب بعض الروايات، لكان النبي الكريم سيقوم بتقطيعها، فتحذو حذو الأصنام التي تكسّرت في ذلك اليوم، ولكانت حدثاً مشهوداً، مما يُضعف الأخبار التي تفيد بتعليقها على أستار الكعبة. ونضيف إلى ذلك أن الأمر لم يُذكر في كتب السيرة النبوية التي تحدثت عن أدق تفاصيل حياة رسولنا الكريم وفتوحاته ووقائعها، وأيضاً لم تُذكر في كُتب التأريخ للأدب العربي، ونذكر منها كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الذي كان من الكتب الموثوقة التي قامت بذكر الأشعار والشعراء من العصر الجاهلي. وكذلك الجاحظ والمُبرِّد وابن الطبري وابن كثير لم يذكروا أيّ شيءٍ عن هذا التعليق. ويضاف إلى ذلك أن التعليق لو كان صحيحاً لتفاخر أبناء الشعراء وأحفادهم بهذا التعليق. وشيء آخر يجدر ذكره أن جمع الشعر بدأ في العهد الإسلامي، بعد أن تم جمع القرآن الكريم في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضوان الله عليه.

القيمة الأدبية للمعلقات

حظيت المعلقات بقيمة أدبية عالية، وذلك لأن مواضيعها متعددة، وأصحابها من أشهر شعراء ذلك الزمان، بالإضافة إلى أنها تصور البيئة البدوية وحياة الجاهلية بتفاصيل دقيقة تبين رجولة الرجال وقوتهم في الشدائد وقوة العرب عموماً في صدِّ كل عدوان يتعرضون له، فتميزت النصوص الشعرية بقوة الحبكة والتعبير وجزالة المفردات ووفرتها بحيث بيّنت قوة اللغة العربية وقوة العرب في معالجة نصوصهم بدقة التصوير، واختيار المفردات مع الجرس الموسيقي الذي جعل من حفظها سهلاً.. هذه الصفات دفعت بكثير من أدباء الغرب إلى ترجمتها ودراستها ونشرها في العالم الغربي.

شعراء المعلقات

اتفق جامعوا الشعر على سبع قصائد طوال كانت الشاهد والمُصوِّر على حياة الجاهلية وتفاصيلها، وكانت القصائد السبع هي:

المعلقة الأولى لامرئ القيس ومطلعها:

قِفَــا نَـبْـكِ مِنْ ذِكْــرَى حَبيبٍ وَمَنْــزِلِ

بِسِـــقْطِ اللَّـوَى بَيْنَ الـدَّخُـولِ فَحَـوْمَـلِ

المعلقة الثانية لطرفة بن العبد ومطلعها:

لِخَـوْلَــــةَ أَطــلالٌ بِـبَــرْقَـــــةِ ثَـهْـمَـدِ

تَلُوحُ كَبَاقي الوَشْـــمِ في ظَــاهرِ اليَـدِ

المعلقة الثالثة لزهير بن أبي سلمى ومطلعها:

أَمِــــنْ أُمِّ أَوفَــى دِمنَـــةٌ لَــــمْ تَكَـلَّـمِ

بِحَـــومــانَــــةِ الـــدُّرَّاجِ فالمُـتَـثَـلِّــــمِ

المعلقة الرابعة للبيد بن ربيعة ومطلعها:

عَفَتِ الدِّيَــــارُ مَحَلُّهــــا فَمُقَامُهــــا

بِمَنىً تَأَبَّدَ غَولُهَــــا فَـرِجـــامُهــــــا

المعلقة الخامسة لعمر بن كلثوم ومطلعها:

ألا هُبـِّي بِصَحـنِــكِ فأصْبِحـيـنَــــا

وَلا تُبْقِي خُمُــورَ الأَنْــدَرِيــتنَــــــا

المعلقة السادسة لعنترة بن شداد ومطلعها:

هَـلْ غَـادَرَ الشُّـــــعَرَاءُ مِـنْ مُتَرَدِّمِ

أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الــدَّارَ بَعــدَ تَـــوَهُّـمِ

المعلقة السابعة للحارث بن حلزة اليشكري ومطلعها:

آذَنَـتْـنَـــا بَـيْـنَــهــــا أَســــــــمـــاءُ

رُبَّ ثَــــاوٍ يُـمَــلُّ مِـنْــهُ الثَّــــــــواءُ

ثم أضاف إليها بعض من قاموا بجمع نفائس الشعر ثلاث معلقات أخرى وهي:

المعلقة الثامنة للنابغة الذبياني ومطلعها:

يا دارَ مَيَّــةَ بالعَليـــاءِ فالسّــــــَنَدِ

أقْوَتْ وطَالَ عليها سَــــالفُ الأَبَـدِ

المعلقة التاسعة للأعشى ومطلعها:

ودِّع هُرَيْــرَةَ إِنَّ الرَّكـبَ مُرْتَحِــلُ

وَهَلْ تُطِيقُ وَدَاعَـــاً أيُّها الرَّجُــــلُ

المعلقة العاشرة لعبيد بن الأبرص ومطلعها:

أقْــفَـــرَ مِـــنْ أهـلِــــهِ مَــلحــوبُ

فـالقُـطَـبِـيَّــــــاتُ فَــالــذَنــــــوبُ

ويحضرني هنا مقولة للأستاذ مصطفى صادق الرافعي في تاريخ آداب العرب «وقد رأينا من ينكر أن هذه القصائد صحيحة النسبة إلى قائليها، مرجحاً أنها منحولة وضعها حماد الراوي، أو خلف الأحمر، وهو رأي فائل، لأن الروايات قد تواردت على نسبتها، وتجد أشياء منها في كلام الصدر الأول، وإنما تصحح الروايات بالمعارضة بينها، فإذا اتفقت فلا سبيل إلى ذلك، غير أنه مما لا شك فيه عندنا أن تلك القصائد لا تخلو من الزيادة وتعارض الألسنة، قل ذلك أو كثر، أما أن تكون بجملتها مولدة فدون هذا البناء نقض التاريخ».

بقلم جميلة نيال

اقرأ أيضاً السموأل

بشر بن أبي خازم

مراجع

Suspended Poetics: Echoes of The Seven Odes in Arabic E-Literature

The Seven Golden Odes (Qasidas) of Arabia

زر الذهاب إلى الأعلى