أدب وشعر

العولمة والتحديات الثقافية العربيّة المعاصرة

العولمة والتحديات الثقافية العربيّة المعاصرة

إن العولمة ليست إلا طريقة غربية للنيل من الشعوب، واستعمارها ثقافياً، والقضاء على كل معالمها وسماتها الحضارية، وتوحيد النموذج الأمريكي بوصفه النموذج الأمثل، وعلينا حتى نكون متحضرين أن ننسى جذورنا وحضارتنا العريقة، ونلهث خلف المقولات الأمريكية، وهنا تكم التحديات الثقافية العربية.

ومهما حاولوا أن ينكروها، فهي  ليست إلا تطوراً للرأسمالية الغربية، تطورٌ جعل الرأسمالية أكثر عنفاً ووحشيةً، تطور لم يقف عند حدودٍ، بل بدأ يضرب حدود الثقافات والهويات، ويسعى لتدميرها. ولم تكتفِ العولمة بجعل بلدان العالم الثالث أسواق تصريف لمنتجاتها، بل يزعجها أن نمتلك تاريخاً نفخر به، وهويةً نعتز بانتمائنا إليها، وحضارةً تشعلُ صدورنا يقيناً وإيماناً.

التحديات في العولمة

تشعرنا العولمة أنها تحتقر ثقافتنا، وأنَّ علينا نحن أيضاً أن نحتقر ثقافتنا بل ونحتقر ذاتنا، لأننا لسنا هم، وبالتالي نحن لا شيء.

ففي ظل العولمة يُقسم العالم إلى نوعين:

  • دول اقتصادية وصناعية: لها هويتها وخصوصيتها
  • دول مستهلكة متخلفة: التي يجب أن تتماهى مع النوع الأول، فهي ليست أكثر من دول تابعة للدول الإمبريالية، وليست شعوبها إلا شعوب متخلفة، لا يحق لها أن تطالب أو تحتفظ أو أن تحمي خصوصيتها الحضارية.

فالخصوصية الحضارية في عصر العولمة مطلبٌ اقتصادي أكثر منه مطلبٌ، يدعمه الإرث والتاريخ والعراقة. فهم يصفوننا بالإرهاب، ويلحقون بنا صفة الأصولية والرجعية، يسعون دون كللٍ أو مللٍ لتشويه صورة العرب في أعين العالم أجمع، حتى العرب أنفسهم أضحوا يصدقون أكاذيب العولمة ومسوغاتها وذرائعها.

إنّ العولمة ليست نموذجاً حضارياً بل هو انتدابٌ استعماري، وهو التطبيق الفعلي لما جاءت به الماسونية، فمن الناحية الاقتصادية: تسعى العولمة لجعل الدول العربية مكبلةً بقروض مشروطة لصالح البنك الدولي، ومع العولمة ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات ، فضلاً عن منظمة التجارة العالمية، كل تلك المؤسسات ليست بريئة بل هي قيود تحيط بالدول الإسلامية وتكبلها دون أن تشعر. إقرأ أيضاً في النقد الأدبي عن بحجم حبة عنب للمؤلفة

كما تريد العولمة أن تعمم النموذج الغربي الأمريكي على كل الدول بما فيها الدول العربية، تعممه سلوكاً وفكراً وممارسةً وتصرفاً.

 وفي الجانب السياسي: يظهر أثر العولمة في سيطرة الأمم المتحدة وكذلك مجلس الأمن وتهديداته الدائمة.

 في المجال الفكري: تظهر العولمة في تعميم الفكر الغربي وجعل تاريخهم هو المرجع للتاريخ العالمي، فهم يُظهرون من يريدون، ويهمشون من يريدون، هم من يرفعون من شأن أمّةٍ بمديحها، ويخفضون من شأن حضارةٍ بذمها.

الخاتمة

ليس على العرب أن يكونوا تابعين للغرب، أو أن يكونوا خاضعين لمحاولاته في إلحاق الدول العربية به، فالثقافة العربية هي ثقافة الإنسان أولاً والحضارة ثانياً والفكر ثالثاً، فلقد هضمت ثقافتنا العربية كل ما أنتجته الحضارات السابقة من دون أن تنكر فضل أحد، بل جعلت ما قدمه الآخرون نقطة انطلاقٍ لها، إنّ ثقافتنا العربية ثقافة متسامحة منفتحة ، تقبل التحاور والتعايش والانسجام والاندماج إقرأ أيضاً عن الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي

فالعالم العربي لم يعد غافلاً، بل يعيش العرب في وعيٍّ ظاهر، ويدركون بحذر كل التحركات من حولهم، لذا فتجاوزهم لما يعتري دولهم من ضعف ليس إلا مسألة وقت، إذ تُطرح اليوم وبقوة مواضيع مثل الكفاية الذاتية، وتطوير الكفاءات الوطنية والبعد عن الاقتراض من البنوك الدولية. إنّ الثقافة العربية هي حقّاً بديلنا الحضاري الذي سنقدمه للعالم كما قدمناه من قبل.

بقلم الدكتورة آلاء دياب

زر الذهاب إلى الأعلى