تنمية الذات

الذكاء العاطفي في العمل

الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي في العمل

هل قابلت قبل اليوم شخصاً يعرف كيف يعبر عن مشاعره بدقة؟.. يستطيع السيطرة على عواطفه، والتحدث عنها بموضوعية، لا يسمح لأخطائه بالسيطرة عليه، يعطي دون انتظار مقابل، قابل للتكيف مع المتغيرات، وتمنيت امتلاك هذه الصفات، إذاً عليك اكتساب مهارات الذكاء العاطفي في العمل.

تعريف الذكاء العاطفي في العمل:

هو القدرة على تحديد وفهم وإدارة المشاعر الخاصة بطريقة إيجابية، لتخفيف التوتر والتواصل الفعّال، والتغلب على التحديات… التعرف على مشاعرنا وإدارتها والاستجابة لها بشكل صحيح قد يفتح لنا أبواباً كثيرة لفهم أنفسنا والتغلب على العقبات التي تواجهنا… حيث يجهل الكثيرون مشاعرهم ومدى تأثيرها على السلوك، فقد تخسر عملك لأنك لا تستطيع التحكم بمشاعرك، وهنا تظهر  تلك المهارة في العمل، فهي تمنحك القدرة على الفصل بين المشاعر والواقع وإدارة ذاتك ومشاعرك بشكل صحيح.

فوائد الذكاء العاطفي

بعد طرح مفهوم جذب الذكاء العاطفي من قبل الكاتب (دانييل جولمان) في كتابه، قام رواد الموارد البشرية وقادة الأعمال بإجراء  دراسات عن أهميته في العمل وتأثيره على الأداء العام، وربطت دراسات أخرى بين الذكاء العاطفي والرضا الوظيفي… وقد أثبتت الدراسات أن الموظفين الذين يمتلكون هذه المهارة، قادرون على التعامل بصورة أفضل مع زملائهم في العمل، وهم أكثر قدرة على بناء علاقات جيدة مع الموظفين، وخلق بيئة عمل محببة وإيجابية. لذلك قامت العديد من الشركات بتنظيم دورات تدريبية  لموظفيهم في مهارات  الذكاء العاطفي، وأثبتت الدراسات  زيادة الإيرادات وحجم المبيعات بعد إقامة هذه الدورات.

كيف تكتسب مهارات الذكاء العاطفي في العمل

يُقدّر أصحاب العمل الموظّفين الذين يمتلكون مهارات الذكاء العاطفي، لأنهم يتعاملون مع مشاعرهم بطريقة صحيحة، وقادرون على اتخاذ القرارات الصحيحة،

وأول مهارات الذكاء العاطفي :

  • الوعي الذاتي: قدرة الشخص على ضبط مشاعره وفهمها بشكل صحيح، والتخلص من المشاعر السلبية والتحكم بها، مثل القلق والغضب.
  • التحكم بالمشاعر: التعامل الصحيح مع المشاعر لتطوير مهاراتك في العمل، والعمل على تعزيز نقاط القوة لديك، وتحسين نقاط الضعف، فالإنسان الذي يفهم نفسه جيداً، ويفهم مسببات المشاعر السلبية، يستطيع التحكم بها، وعدم السماح لها بالتأثير على إنتاجيته.
  • التحفيز الذاتي: وضع هدف وتحقيقه هو أبرز ما يحفز الإنسان ذاتياً، فتوجيه طاقاتنا وعواطفنا نحو هذا الهدف، ووضع خطة لتحقيقه، يتطلب تحديد هدف واضح ووضع مدة زمنية مناسبة له.
  • إدراك مشاعر الآخرين: قراءة مشاعر الآخرين تتطلب منك أن تكون موضوعياً، وأن تتفهم الشخص الآخر، وتضع نفسك مكانه لتفهم مشاعره وأسباب تصرفاته، وتذكّر أنّ لكل منّا تصرفاته وأنّ لكلٍّ منّا بيئته الثقافية والاجتماعية، وطريقة تفكير مختلفة. فإدراك مشاعر الآخرين يجعلك متفهماً لمن حولك، مما يقلل فرص الجدال والخلافات والطاقة السلبية في مكان العمل
  • إدارة العلاقات: إن تفهمك لمشاعر الآخرين يوصلك إلى الطريقة الصحيحة للتعامل معهم، وبالتالي إدارة العلاقات تعتمد على تفهمك لطريقة تفكير كل شخص، والتّعامل معه بطريقة تناسبه، والتعامل مع العملاء بمختلف أنواعهم، وأن تجد طريقة ناجحة للتعامل مع الجميع وتحقيق أهداف شركتك، وهذا ما يفيدك سواء أثناء العمل ضمن فريق أو التواصل المفتوح، وتظهر أهميتها أثناء التعامل مع النزاع أو إقناع الطرف الآخر برأيك. وهذا يكون مهماً جداً في العمل.

كيفية التطبيق في العمل:

الذكاء العاطفي صفة مهمة في كل مستوى من مستويات الحياة المهنية، وإذا أردت أن تطبقه، عليك اتباع ما يلي:

  • الاستماع للآخرين: الإصغاء لآرائهم وفهمها بطريقة صحيحة ليكون ردك صحيحاً، ويشعر العميل أو الزميل في العمل أنك تقدّر رأيه، وبالتالي تحصل على تواصل، وتقبل بشكل أفضل.
  • فهم وجهات نظر الآخرين: أن تتفهم سبب تصرفات زملائك أو موظفيك وتتقبل وجهات نظرهم، وبالتالي تصل إلى الطريقة الصحيحة للتعامل معهم، وخاصةً إذا كان الموضوع يتعلق بعملاء جدد.
  • التفاعل بإيجابية: التعاطف وتفهم الآخرين وتشجيعهم على مبادراتهم وخاصةً فيما يتعلق بالموظفين لأنهم حينها سيبدون تجاوباً أكبر، وشغفاً أكثر بالعمل، وتطوير أدائهم الشخصّي.

كيف يتمتع الموظف بالذكاء العاطفي:

  • القدرة على حل المشكلات وتحمل المسؤولية في حال الخطأ.
  • حل النزاعات بين الأفراد وخلق أساليب تواصل جيدة.
  • العمل ضمن فريق واحد والتعاطف مع أعضاء الفريق.
  • حسن الإصغاء والتوجيه بطريقة صحيحة وتقبل النقد البناء.
  • الشغف الدائم والطموح للارتقاء.
  • القدرة على إدارة الضغوط والأزمات.

علاقة الذكاء العاطفي بالحصول على وظيفة: 

الأشخاص الذين يمتلكون مهارة الذكاء العاطفي تزيد فرص حصولهم على وظيفة، لأنهم يملكون القدرة على قراءة مشاعر الآخرين، ولديهم قدرة على التأثير بمدراءهم وزملائهم، واقناعهم بأنهم مناسبين تماماً لهذه الوظيفة… إنهم أشخاص يعرفون تماماً ما يقولونه، وكيف يقولونه، فهم قادرون على انتقاء كلماتهم بطريقة لا تزعج من حولهم… وحين يتعلق الأمر بالبحث عن موظفين لمناصب هامة، تلاحظ أن معظم الشركات تفضل من لديهم القدرة على تفهم الآخرين، وهذا ما جعل الأمر موازياً للقدرات التقنية والعلمية، لأنه يضمن العثور على أشخاص قادرين على العمل ضمن فريق، وإدارة الأزمات والضغوط، واتخاذ القرارات بشكل صحيح، وحل المشكلات، والقدرة على التعامل مع الجميع بطريقة رائعة… لذلك تجري الكثير من الشركات اختبارات لقياس الذكاء العاطفي قبل التوظيف، وكذلك قامت العديد من الشركات بإجراء تدريبات ودورات خاصة لموظفيها للتعلم وكسب تلك المهارة. وأكدت الكثير من التقارير أن الشركات التي يتمتع موظفوها بالذكاء العاطفي زادت أرباحها بنسبة 25% عن الشركات التي لا تولي الاهتمام الكافي لهذه المهارة.

سلبيات وإيجابيات الذكاء العاطفي:

بعد طرح الكاتب (دانييل جولمان) لكتابه الذكاء العاطفي عام 1995، توجه معظم القادة ورواد التنمية البشرية إلى الاهتمام بهذا النوع من الذكاء والترويج له كحل لمعظم المشاكل الاجتماعية والعملية، فمعرفة الإنسان لمشاعره وإدارتها ليس بالأمر السهل، وبالتالي يؤدي إلى فهم مشاعر الآخرين، ومخاطبة عواطفهم بطريقة صحيحة، وهو ما يسهّل التعامل في الكثير من المجالات… إن التعامل مع أشخاص واعين لذواتهم، متعاطفين مع غيرهم، هو رغبتنا جميعاً، لكن الأمر لا يخلو من السلبيات، فطريقة استخدامك لتلك المهارة بشكل إيجابي أو سلبي هو ما يحدد فوائدها أو ضررها. وقد نتأثر أحياناً بأشخاص استطاعوا مخاطبة عواطفنا والتأثير علينا، لكن في حقيقة الأمر هم يوجهوننا نحو مصالحهم الشخصية باستخدام هذه المهارة. أما عن سلبيات هذه المهارة فهي:

تحقيق مكاسب شخصية: استخدام الذكاء العاطفي كوسيلة للتلاعب بالمشاعر وتوجيه الأشخاص نحو تصرفات تحقق مكاسب شخصية.

التلاعب بالمشاعر: بعض الأشخاص لشدة فهمهم لمشاعرهم يستطيعون إخفائها بسهولة وهو أمرقد يثير المتاعب، لأنك لن تعرف حقيقة الشخص الذي يُحدّثك، وما يريده منك بالتحديد، وقد يستخدم تقنيات تزييف الحقائق بدلاً من مساعدة الناس في اتخاذ القرار السّليم، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات سيئة مبنيّة على التأثير العاطفي أو ما يسمى “التأثير المبهر” وأيضاً قد يؤدي إلى التّلاعب بمشاعر الآخرين، لأنه يفهم مشاعرهم جيداً، فيستطيع التأثير بعاطفتهم بطريقة قد تؤذيهم.

عدم تقدير مهارة الذكاء العاطفي في بعض الوظائف:

مثل الميكانيك والمحاسبة والوظائف التي تعتمد على الأرقام والبيانات. هذه الوظائف تحتاج إلى القدرة التحليلية أكثر من القدرة العاطفية، مما يؤدي في هذه الحالات إلى رفض هذا النوع، وإحباط الشخص الذي يشعر بأن أفكاره مرفوضة. فهذا النوع من الذكاء هو منظومة تضم العديد من المهارات التي تعمل معاً في تناغم وانسجام لينتج عنها شخصيّة متميّزة وذكيّة عاطفياً، فهذه تُعتبر خبرة مكتسبة تزيد بالممارسة والتدريب ليصبح الإنسان أكثر وعياً بمشاعره ومشاعر من حوله، وليسخر هذا الفهم في تحقيق طموحاته وارتقائه في كل مجالات الحياة.

لذلك علينا أن ندرك أن للذكاء العاطفي في العمل بعض المساوئ، لكن نعتقد أن الحكم الأخير هنا سيكون للضمير الحي فينا للارتقاء بأخلاقنا والتصرف السليم باستخدام هذا النفي العمل.

بقلم ملاذ العمر

المراجع

الذكاء العاطفي في العمل وأثره على نجاحك وتطورك في بيئة العمل

كيف تستفيد من الذكاء العاطفي في مقر العمل

أهمية الذكاء العاطفي في مكان العمل

زر الذهاب إلى الأعلى