أدب وشعر

الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي

ملخص كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي

يعدُّ كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي من أقوم كتب القرن الرابع الهجري وأنفعها وأمتعها. فهو كتاب يضم مسامرات أمضاها التوحيدي في منادمة الوزير أبي عبد الله العارض. فالوزير ابن سعدان يسأل، وأبو حيان يجيب على امتداد نحو أربعين ليلة.

يبدو أنّ أبا حيان لم يخطط لتدوين هذا الكتاب، غير أنّ أبا الوفاء المهندس (محمود بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزنجاني المولود سنة 228 والمتوفى سنة 388 هجرية)، وكنى عنه أبو حيان بالشيخ “يريد بالشيخ أبا الوفاء المهندس، وهو الذي أوصل أبا حيان بالوزير أبي عبد الله العارض كما يفهم مما يأتي“. فهو الذي طلب من أبي حيان أن يدون له ما سامر به الوزير، وبدأ أبو حيان يكتب ليالي (الإمتاع والمؤانسة)، ويبدو أنّه كان يرسلها أولاً بأول إلى أبي الوفاء المهندس. إذ يذكر في أول الجزء الثالث: “أوصلت إليك الجزأين الأول والثاني على غلامك فائق وهذا الجزء هو الثالث…“.

وقد وصف الكتاب من قبل الباحثين والدارسين في ذلك العصر، بأنّه” كتابٌ ممتعٌ على الحقيقة لمن له مشاركة في فنون العلم، فإنه خاض كلّ بحر، وغاص كلّ لجة، وما أحسن ما رأيته على ظهر نسخة من كتاب الإمتاع بخط بعض أهل جزيرة صقلية وهو: ابتدأ أبو حيان كتابه صوفيّاً وتوسّطه محدّثاً، وختمه سائلاً ملحفاً

محتويات كتاب الإمتاع والمؤانسة

الكتاب ليس منظماً، إذ يجري الحديث فيه على هدى الليلة وعلى رغبة الوزير، مع العلم أنّ أبا حيّان حاول أن يرسم منهجيةً للكتاب، ذكرها في الليلة الأولى، لكنّه لم يتمكن من الالتزام بها بسبب تشعب الحديث وكثافة الطرح وتعدد الرؤى. إقرأ أيضاً ساق البامبو وإشكالية الهوية فيها

فكانت الليالي غنية بمواضيع كثيفة ومتنوعة، غطت معظم جوانب الفكر والمعرفة في ذاك العصر، ومن أمثلة القضايا التي وردت في ليالي الإمتاع والمؤانسة:

  1. الإلهيات والعقائد
  2. الفلسفة
  3. علم المنطق اليوناني
  4. الإنسان
  5. العقل والنفس
  6. مواضيع خاصة بالأمم والشعوب
  7. الأخلاق والطبع والسجايا
  8. اللغة ومسائلها وعلومها
  9. الأدب بشعره ونثره وخطابته ورسائله
  10. في أمور عصره وقضايا زمانه وأهل الحكم والوزراء والأدباء في ذاك الوقت

أسلوب كتاب الإمتاع والمؤانسة

كما كان أبو حيان يكثر في النقل عن أستاذه أبي سليمان المنطقي.

وقد اتبع أسلوباً سردياً ممتعاً، من خلال الجمل القصيرة والتراكيب المسجوعة، وكان صريحاً واضحاً لا يصف المرء إلا بما فيه، وعلى الرغم من تشعب موضوعات الكتاب وتنوعها وتعددها وتطرقها لمختلف القضايا، لكنّ أبرز ما نلاحظه هو قدرة التوحيدي ودقته في نسبة كل قول إلى قائله وكل رأي إلى صاحبه، كما أنّ عرضه للآراء والقضايا المتناقضة جاء متوازناً وموضوعياً، فلم يقف ولم يسهب لأحد الأطراف ويختصر للطرف الآخر، بل أعطى كل رأي حقّه، وقدمّ له شرحاً يوضح مختلف أبعاده. وبين هذا وذاك نراه يكثر من الحجج العقلية والمسوغات المنطقية، إذ أظهر الكتاب قدرة لافتةً على الجدل، وصبراً لا يعرف الأناة، وعقلاً راجحاً لا يحدّه حدّ، وعقلاً مستنيراً يدقق في أدق التفاصيل فيثبتها أو ينقضها. إقرأ أيضاًالعولمة والتحديات الثقافية العربيّة المعاصرة
من خلال ما تقدّم، نلاحظ أنّ التوحيدي لم يتبع ترتيباً معيناً لكتابه، فالكتاب هو مسامرات، ولكل مسامرة موضوعها ومناقشتها، حيث تثار الأسئلة ومن ثمّ تبدأ الأجوبة عليها، ليشتعل الجدل والنقاش.

الخاتمة:

تتحدد أهمية الكتاب في قدرته على إعطائنا صورة صادقة عن ذاك العصر، صورة تشمل مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والأدبية والسياسية والفكرية.

صورةً لم يتمكن أي كتابٍ آخر من نقلها إلينا، والسبب الرئيس يعود إلى قوة أبو حيان التوحيدي وسعة اطلاعه وإلى علاقته بأهل الحكم فضلاً عن تشعب صلاته الفكرية والمنطقية، إذ وردت في الكتاب مواضيع لم تذكر إلا في الإمتاع والمؤانسة، إذ يعد كتاب الإمتاع والمؤانسة أول كتاب ذكر إخوان الصفاء وخلان الوفاء، وذكر رسائلهم، وتطرق لهم.

من هنا كان الكتاب مصدراً قيّماً للقرن الرابع الهجري، وواحداً من أعظم كتب الأدب العربي على الإطلاق.

بقلم الدكتورة آلاء دياب

المصادر

كتاب الإمتاع والمؤانسة

معلومات عن أبو حيان

زر الذهاب إلى الأعلى